تحمل الأتمتة مجموعة من الإيجابيات والسلبيات، لكن من المؤكد أنها ستغير حياتنا إلى حد كبير. في الواقع، فقد بدأ البعض يشعرون بهذا التغير منذ الآن.
ستساعد الأتمتة الشركات على تخفيض التكاليف وزيادة الإنتاجية، وسيؤدي هذا في نهاية المطاف إلى المزيد من المنافسة والخيارات في أنواع المنتجات. في هذه الحالة، سيكون المستهلك النهائي هو الفائز، إضافة إلى الشركات التي ستتعلم كيفية الاستفادة من هذا التوجه المتصاعد. نظراً لوصول الأتمتة إلى العديد من الصناعات، سيصبح لدى الناس المزيد من وقت الفراغ، وسيصبحون في نهاية المطاف أكثر تواصلاً وتفاعلاً. ستوفر علينا التكنولوجيا الكثير من الوقت، ولهذا يجب أن نعيد تركيزها على ما يجعلنا أكثر سعادة، ربما بالعمل في وظائف أكثر إثارة للاهتمام. مع ترسخ الأتمتة وتعمقها في حياتنا، يجب أن نتعلم مهارات جديدة حتى نتكيف مع العالم الحديث. يجب أن نتعلم كيفية استخدام الأتمتة لفائدتنا، لأن هذا الأمر لا مفر منه.
عندما نفكر في الأتمتة فغالباً ما تتبادر إلى أذهاننا أمثلة نموذجية، مثل الروبوتات الموجودة في المصانع وأدوات الاختبار الآلي للبرمجيات، ولكن ماذا لو شهدت الأتمتة عمليات تطوير هائلة تجعلها أكثر ذكاء من خلال دمج هذه الأدوات مع تقنيات التعلم الآلي؟ تخيَّل عالَماً تقوم فيه أدوات الأتمتة بمراقبة الكيفية التي نعمل بها، ثم تستخدم معلومات موجَّهة بالذكاء الاصطناعي لتُخبرنا فورًا كيف نؤدي بشكل أفضل (أو كيف نرتقي بالجهود التي نبذلها في العمل بما فيه صالحنا).
هذا ليس ضرباً من الخيال؛ فالأتمتة الذكية أصبحت على مشارف حياتنا الواقعية، وستُحدث تغييراً عميقاً في أساليب عملنا.وقد أصبحت أدوات الأتمتة اليوم معزولة بشكل كبير ومقسَّمة إلى مجالات خاصة بها؛ فلا يتفاعل روبوت الدردشة على الويب عادةً مع موظف خدمة العملاء ما لم تتم برمجته لتمرير التحكم في سير المحادثات عند استيفاء شروط معينة، بل إنه يتبع تعليماته البرمجية فقط، ولا يُغير من مسار عمله ما لم يتلقَّ أمراً بذلك، وعندما نطوِّر نظاماً كهذا يجب أولاً أن نحدِّد ما نريد أتمتته بالضبط، ومن ثم نصمِّم ونطوِّر البروبوت حتى يحقق هذا الغرض بالضبط.
بيئة المباني بأكملها في أعقاب تحول حاد، الذكاء الاصطناعي (AI) وإنترنت الأشياء (IOT) والروبوتات وكافة التقنيات الأخرى ليست مسؤولة فقط عن ظهور المدن الذكية والعمليات المؤتمتة وفرص الأعمال الجديدة، لكنها تغير في القواعد التي تقوم عليها كافة العقارات.
سوف تطيل الأتمتة والتقنية متوسط عمر الأفراد، وستغير سوق العمل وتؤثر على محيطنا البيئي والحياة الاجتماعية. لكن كيف سيكون تأثيرهذه المباني على حياتنا؟
- ارتفاع متوسط العمر في المجتمع:
ستؤدي الرعاية الصحية المعززة تقنيًا إلى زيادة عمر المجتمعات المستقبلية بشكل كبير. في حين أن حلول مثل تصحيح الجينات CRISPR/Cas9 لا تزال وليدة نسبيًا، إلا أنها قد تمهد الطريق لحياة بشرية طويلة معدلة وراثيًا. وستساعد التقنية في التحكم في نشاطات الأفراد على سبيل المثال من خلال استخدام أجهزة تتبع اللياقة البدنية أو تطبيق التغذية أو البيانات التي يتم الحصول عليها عبر أجهزة الاستشعار المتصلة شبكيًا كمدينة كاملة مما سيزيد التركيز على الرعاية الصحية الوقائية بدلاً من الرعاية الصحية الرجعية. لذلك، فإن الرعاية الصحية الوقائية في المستقبل ستحاول تجنب حدوث الأمراض بدلاً من علاج الأعراض.
نتيجة لذلك، قد يصل الناس في العالم إلى ما وراء المتوسط حتى يوم ميلادهم التسعين مما يحتم زيادة تقنية المباني مع احتياجات المجتمع المتقدم في السن على سبيل المثال: سينخفض الطلب على العقارات الفردية، سيزداد الطلب على المباني المعدة بشكل مستدام ومرن وفعال في استخدام.
- عقارات أكثر استدامة من خلال رسم ثلاثي الأبعاد للمباني:
يعد قطاع العقارات مسؤولاً عن أكثر من 20٪ من انبعاثات الكربون، والتي يجب تقليلها بشكل كبير لتجنب المزيد من زعزعة استقرار مناخنا ومواجهة تحديات التغيير الديموغرافي في المستقبل. قد يؤدي الجمع بين الرسم ثلاثي الأبعاد والبيولوجيا التركيبية إلى إنشاء مباني أكثر استدامة.
سيتم تعزيز تأثير الطباعة ثلاثية الأبعاد على الاستدامة بشكل كبير بمجرد استخدام البوليمرات الحيوية في المشاريع. ستمكّن البيولوجيا التركيبية من إنشاء مواد بلاستيكية مستدامة يمكن استخدامها في البناء أو التصنيع. في المستقبل على المدى الطويل، قد نشهد نموًا في البنية التحتية المتصلة بأسطح تركيبية ومُصنَّعة حيوياً وتوليف الصور في البيئة المبنية التي تنتج طاقة متجددة أو هياكل تلتئم أو مواد تخزن وتنقل البيانات مما سيوفر بيئة مبنية أكثر استدامة.
- تأثير الأتمتة على طلب العقارات:
من المتوقع أن يختفي ما يقرب من 50٪ من جميع الوظائف الحالية بحلول عام 2055 نتيجة الأتمتة، فمن شبه المؤكد أن بيئة العمل لدينا ستتغير بشكل كبير وأن المتطلبات المتعلقة بالأصول العقارية ستتغير وفقًا لذلك.
مع المزيد من الأتمتة والعمل عن بعد، سيؤدي ذلك إلى أتمتة الخدمات اللوجستية والتصنيع مما يعني زيادة الطلب على العقارات عالية المرونة والمتصلة والمجهزة بالخوادم. قد يتم التخلي عن اللقاءات التناظرية ولن تؤثر هذه التحولات في سوق العمل على مهنتنا فحسب، بل ستؤثر أيضًا على بيئات حياتنا وعملنا أي النطاق الكامل للمباني كافة. سيحتاج مالكو المنازل ومخططو المدن إلى التفكير في الجاذبية المستقبلية وفائدة أي مساحة، سواء كانت سكنية أو تجارية أو صناعية لإستغلالها بأفضل شكل ممكن بما يناسب الحياة المستقبلية.
نحن من سنقرر أي مستقبل نعيش فيه..
مستقبل بيئتنا المبنية في أيدينا، يمكننا أن نقرر في أي منازل نريد أن نعيش للحصول على حياة أكثر رفاهية وسهولة، وفي أي مكاتب ومصانع نريد العمل للحصول على أعلى إنتاجية، و أين نريد قضاء وقت فراغنا للتمتع بأعلى درجات الراحة وتوفير الوقت والجهد. نحن من سنقرر حاجتنا إلى كافة التغييرات المتاحة التكنولوجية والبيئية والأخلاقية والقانونية والسياسية والمجتمعية - ليس فقط داخل المباني، ولكن أي جانب من جوانب الحياة.